مهرين عمير
خلال الشعور بالحنين إلى العصر الذهبي للاسلام، يجد المسلمون اليوم العزاء بذكر الماضي. ربما يبدو أن يكون العلاج الوحيد للعلل التي يعانون منها اليوم؛ وهو ترياق "للسم الذي قد وجهه الغرب الماكر إليهم". قد أصبح العصر الذهبي للاسلام اللكمة القوية في مخزن ضد المناقشين الإسلاموفوبيین. ولا يمكن انتقاد العالم الاسلامي، لأنه كان قد حكم مرة واحدة في العالم. وعلی کل حال، من ذا الذي لا یعترف بالدور المؤثر الذي لعبه المسلمون في النهضة الأوروبية؟
ولكن كل مسلم يرفض الدور الهام الذي لعبه الفرس، والإغريق والهنود بصورة متساوية في نهضة المسلمين الأكثر رومانسية. ويحاول المسلمون المخيبون الآمال اليوم بصخب في إفهام غير المسلمين أن الغرب لا يملك احتكار العلوم ولكنهم ينسون أن يقبلوا أنه عندما كان المسلمون في أوج التقدم العلمي والثقافي، كان العلم في جزء كبير من العالم، وذالك بسبب التعاون مع أتباع الديانات الأخرى.
إذا لم يكن هذا الظن مجرد التكبر بسبب أن كل شيء خلقه المسلم هو جيد، فإنه لا نكفر عندما نقول إن المسلمين في الواقع لم يخلقوا أي شيئ . فاستفادوا من المعرفة التي كانت موجودة بالفعل ومرتجلة فقط. من الأسباب التي أدت إلى فشل المسلمين فشلا كبيرا في اعتناق الحداثة اليوم هو أنهم يشعرون بأن احتكارهم للمعرفة والتنمية يتم طعنه. يرغب العديد منهم في نظام الخلافة؛ والعالم السماوي دون ألم ومعاناة. هل يشعر المسلمون بالإهانة في الحصول على المعرفة أن النظام العلماني الذي يحاول المسلمون معارضته بشدة، لديه بالفعل عديد من البنود التي تؤكد العدالة، كما يقول المسلمون، إنها فقط يمكن أن تتعلق بالنظام الاجتماعي الاسلامي والقانوني؟ إذا كان للمسلمين احتكار لأي شيء، فهو الحرمان من تراثهم المشترك مع الناس من الديانات والعادات الأخرى. قد وقع العصر الذهبي اليهودي مع العصر الذهبي الإسلامي في آن واحد، واستفاد المسلمون من علماء اليهود مثلما استفاد اليهود من علماء المسلمين.
إن أكبر مأساة يواجها المسلمون اليوم هو ليس جهلھم عن تاريخهم، ولكنه حنين غير متسامح إلى ذالك. وللأسف، کما یعرف الذين يتذكرون الماضي ، لم يكن العصر الذهبي للاسلام شأنا خياليا حيث سادت العدالة غير المشروطة و انتشرالصفاء من خلال جميع الثقوب. ومع ذلك، هذا موضوع آخر للنقاش. ففي يومنا الحالي، ينشغل المسلمون جدا باكتساب الفوز في المناقشات مع نظرائهم من الكافرين حول من هو الأب. وقد تقدم العالم إلى الأمام، ولكن يبدو أن المسلمين بقوا متخلفین في الوراء. مثل العاشق الكبير الذي لا يستطيع ان يجعل العلاقة مع الحبيب الخائن، لا یتھیأ العالم الاسلامي للتسأول بأنھ لماذا لماذا تحولت حقوله الخضراء إلى الصفراء. ربما لأن المسلمين نسوا سقيها بالماء !
ومن المؤسف أن مظاهر مثل هذا التفكيرالملولب واضحة اليوم في كثير من البلدان الإسلامية. وحظرت الحكومة الباكستانية من خلال هيئة تنظيم الإعلام الإلكتروني، موقع يوتيوب لعدم إزالة الشريط للفيديو الذي أهان النبي- عليه السلام-. كانت الحكومة ذكية جدا إلى حد أنها لم تتمكن من حظرالفيديو فقط، فقررت ، بدلا من ذلك، على ان تحظر النظام الأساسي بأكمله. وفقد الملايين من الباكستانيين الوصول إلى المحتوى التعليمي الموفر على موقع يوتيوب، وذالك أيضا في بلد حيث التعلم الإلكتروني يحصل على السرعة لتصحيح الفصل العنصري للتعليم. وكذالك أصبح يوتيوب منصة شيطانية بين عشية وضحاها، لأن المسلمين لديهم احتكارالقيام بالأعمال الحسنة ولا يستطيع الكفار أن يفعلوا أي شيء سوى الأعمال السيئة. وموقع الفيسبوك هو حيلة الشيطان أيضا؛ فينبغي لجميع المسلمين ان يحولوا على الفور إلى الشبكة الاجتماعية الحلالة ما تسمى ب'ملة فيسبوك'.
وهناك تأتي لعبة توجيه اللوم، مثل الدراسات المدرسية لباكستان مليئة بالمواد الكراهية ضد الهنود بشكل عام والهندوس على وجه الخصوص. والمناهج للدراسات الاسلامية تجعل التاريخ الإسلامي مثاليا دون الاعتراف بالأخطاء والمظالم من قبل كثير من حكامه المسلمين. والعديد من الصراعات الطائفية والفوضى الأصولية التي تؤثر على جسم المسلمين السياسي اليوم هي في الواقع متجذرة في الماضي. و الدراسة الحقانية حول التاريخ الإسلامي هي لازمة من أجل حل المشاكل التي يواجهها العالم الاسلامي اليوم. كما يتحدث طارق رمضان في كتابه "دي كويست فور معنى" عن العالم المشترك - القيم والمبادئ التي ليس لها احتكارأي واحد. وقد أدت مهزلة التاريخ حيث شاركت، في الواقع، جميع الحضارات في نمو بعضها لبعض، إلى استقطاب العالم الذي نراه اليوم. و يهيمن الخطاب "لصراع الحضارات"سيئ السمعة على النقاش بين المسلمين وغير المسلمين. ولا يرغب أي واحد من الطرفين في الاعتراف فقط بمدى كونه مدينا للآخر. وهذا يبدو من الأنسب أن نسميه "صراع الأنا" بدلا من صراع الحضارات.
إن المسلم السائح إلى إسبانيا هو أكثر اهتماما في المفاخرة عن أمثال قصر الحمراء وقرطبة خلال فترة الخلافة الأموية، مما هو في تعلم المزيد عنها في الواقع. والسائح غير المسلم إلى بلاد المسلمين النامية هو أكثر اهتماما في تطوير البنية التحتية وتحرير الأسواق حيث قد وهب الغرب المجتمعات الأصلية والبدائية، مما هو في الواقع تعلم المزيد عن ثقافتهم وتقاليدهم.
ولكن حتى بين الخطاب الرتيب الإسلاموفوبي في وسائل الإعلام، لقد ناضل العديد من الكتاب غير المسلمين بجد لإنتاج الأعمال الكبيرة حول العلوم والفنون الإسلامية ومساهمته في العالم . ولكن يبدو أن هناك كثير من التردد من جانب العالم الإسلامي لخلق العمل المماثل من الأنواع التي تقدر مساهمة أتباع الديانات الأخرى في العالم. فنحن نحب ذلك حبا جما.
لا يتمتع المسلمون باحتكار النجاح. فحان الوقت أن يدركوا ذلك. العيش في الماضي لن يحل مشاكل الحاضر، وليس من شأنه أن يحقق أي نجاح في المستقبل. والتاريخ یدل علی الحقيقة أن السبيل الوحيد لنجاح الحضارات هو التقدم إلی الأمام من خلال مساهماتھا في دولھا ومجتمعاتها. ولم ينجح المسلمون قط منفردين. كانوا يحتلون مكانا عاليا مع بقية العالم، ولكن الآن، فبقية العالم قد تقدموا، وحان الوقت للمسلمين أیضا ان يتقدموا إلى الأمام. أما احتكار المسلمين فلم يكن موجودا أبدا، ناهيك عن كسره.
المصدر: http://www.pakistantoday.com.pk/2013/09/24/comment/the-muslim-monopoly/
URL for the English article:
https://newageislam.com/the-war-within-islam/the-world-moved-on,-it’s/d/13698
URL for this article:
https://newageislam.com/arabic-section/the-world-moved-on,-it’s/d/13879